أولا ـ العلاقات العامة ضرورة
نمت العلاقات العامة كمفهوم إداري وعمل مؤسسي سريعا في الخمسين عاما الماضية ، وذلك نتيجة حتمية للتطورات الحاصلة في المجتمع الحديث ، والقوة المتزايدة للرأي العام ، وأصبحت العلاقات بين الأفراد في المنشأة أحد أهم مقومات تطورها ونموها
( إدارة العلاقات العامة في الأجهزة الحكومية بالمملكة / معهد الإدارة )
ويمكن توضيح أهمية العلاقات العامة مع الجمهور الخارجي من خلال ما تؤديه من تكوين السمعة الطيبة للمنشأة والصورة الذهنية الممتازة عنها لدى مختلف فئات المتعاملين معها على أساس من الحقائق والمعلومات الصادقة
وسواء كان الأمر متعلقا بالجهاز التربوي " إدارة التعليم " أو بالمدرسة بشكل مباشر فإن قوتها وتحسين أدائها يعتمد على درجة وعي وحماس رجل العلاقات العامة ومدى قدرته على إظهار الصورة المشرقة للمؤسسة التربوية التي ينتمي إليها ، ومعرفة جوانب القصور والضعف فيها ، وبحث طرق علاجها بالعمل الجماعي المدروس
والتربية والتعليم معنية قبل أية جهة أخرى بتأصيل هذا المفهوم في نفوس الناشئة ، إذ تعلمهم معنى الانتماء والإخلاص للوطن بكل مؤسساته ، وتنمي فيهم احترام فئات العاملين ؛ بعضهم ببعض من جهة ، وبينهم وبين الإدارة من جهة أخرى
ثانيا ـ تعريف العلاقات العامة :
أقرب تعريف للعلاقات العامة : أنها مهمة عملية تسعى لتنشيط العمليات الاتصالية الإنسانية والعملية بين أعضاء المؤسسة التربوية ، من خلال الفهم المتبادل بينهم وبين بعضهم أو بينهم وبين المجتمع الخارجي ، بما يزيد من التعاون المشترك ، الذي يعمل إيجاد الثقة المتبادلة ؛ لمعرفة الاحتياجات ، ومواجهة المشكلات ، واقتراح الحلول بشيء من المكاشفة المنضبطة التي تزيد من فاعلية المؤسسة التربوية
وهي ـ ببساطة ـ تحقيق عملي للمثل العربي " عامل الناس بقدر ما تحب أن يعاملوك به "
ثالثا ـ وظائف العلاقات العامة
كل ما سيرد في هذا الباب يتناول دور العلاقات العامة وتحديد أدوارها سواء في المؤسسة التربوية الإدارية وهي إدارة التعليم ممثلة في وحدة العلاقات العامة والإعلام التربوي ، أو في المدرسة التي تعد المؤسسة الأولى لتبادر إلى تفعيل هذا الدور ، ومن أهم وظائفها :
1 ـ العمل على كسب تأييد وثقة الرأي العام بإمداده بالمعلومات الصحيحة والحقائق ومشروعات الجهاز وخدماته
2 ـ نشر الوعي التربوي داخل وخارج الجهاز
3 ـ خلق علاقة إيجابية مبنية على الثقة والاحترام المتبادل بين أعضاء الجهاز بما يساعد في زيادة العطاء والإخلاص في العمل ومن ذلك :
ـ تكوين الجمعيات والأندية العلمية والأدبية والاجتماعية مثل جمعية لقدامى الخريجين ممن تخرجوا من المدرسة ، وتبوءوا مناصب قيادية في المجتمع ، سواء من أرباب العلم والقلم ، أو من ذوي رؤوس الأعمال الذين يمكن أن يسهموا في توفير مستلزمات تعليمية ، أو تبني مشاريع مهمة لمدارسهم التي كان لها الفضل بعد الله فيما وصلوا إليه
ـ تبني فكرة الصندوق الاجتماعي الذي يقدم الإعانات للمحتاجين
ـ إقامة النشاطات الاجتماعية مثل : الرحلات والزيارات " الرسمية والترفيهية "
4 ـ العمل على الاستفادة من أفكار وتجارب الجماهير لزيادة فاعلية الأداء ، ومن ذلك :
ـ التواصل مع التربويين ووسائل الإعلام ، وخلق علاقة إيجابية معهم ، والعمل على تصحيح المفاهيم أو المعلومات الخاطئة بخطاب علمي إنساني يميل إلى فتح الحوار الهادئ البعيد عن التشجنج ، والتبرم من الرأي الآخر ، وبالمقابل العمل على دعم التوجهات الإيجابية ، وحـث المجتمع على دعمها وربطها بقضاياه المختلفة
ـ تكوين بنك للمعلومات يجمع كافة المعلومات عن الجهاز الإداري ، وإداراته المتنوعة ، وأنشطته ، وكل ما يتعلق بالعمل اليومي وبسياسة الجهاز ككل ، وذلك لتكون الإدارة على دراية بكل التوجهات الآنية والمستقبلية بما يؤهلها للتواصل مع الآخرين على أسس علمية وقواعد منظمة وواضحة
5 ـ إصدار الكتيبات والنشرات والملصقات وإنتاج الأفلام وإقامة المعارض ( المحرك الأساسي لتنفيذ وسائل الاتصال ) التي من شأنها أن تحقق الأهداف
6 ـ تلقي استفسارات الوسط التربوي ، والإجابة عليها بعد وصول المعلومات من جهات الاختصاص في الإدارة " البريد المباشر "
7 ـ دعم العلاقة بين الجهاز أو المؤسسة التربوية والجهات الأخرى في المجتمع
رابعا ـ فنون ( أساليب ) العلاقات العامة :
إذا اتفقنا على أن العلاقات العامة تشكل عملية هامة في تزويد الجمهور بكل الحقائق المتصلة بموضوع ما ، وتمكينه من تكوين آراء منطقية سليمة حول المسائل المتفق عليها أو ربما المختلف عليها ، فإن أكثر الناس معرفة هم أقدرهم على الوصول إلى آراء واختيارات ذكية تقوم على أساس التفكير العقلي
والحقيقة أنه عن طريق التعليم الرسمي واتساع نشر المعرفة بوسائل الاتصال الحديثة أصبح لدى الناس كثير من البيانات حول أي موضوع يطرأ في المجتمع
من هنا يمكن أن نحدد أساليب ( الخطوات ) التي يمكن أن تتبعها وحدة العلاقات العامة والإعلام التربوي لتحقيق الأهداف " ديناميكية العلاقات العامة " في الآتي :
1 ـ البحث والتحري : وهي أهم الخطوات التي تنبني عليها المقومات الأساسية لنجاح نشاط العلاقات العامة ، فالجهاز أو المؤسسة التي تنتمي إليها هذه الإدارة بحاجة إلى معرفة آراء المجتمع وردود الفعل عند اتخاذ أي قرار أو تنفيذ أي نشاط ، لذا ينبغي الإجابة في نهاية البحث عن سؤال مهم مفاده : ماذا الذي يجري الآن ؟
2 ـ التخطيط: وتشمل تحديد الأهداف القصيرة والطويلة المدى ، ورسم البرامج التنفيذية وهنا ينبغي الإجابة عن : ما الذي يجب القيام به ؟
3 ـ التنفيذ : وهي الخطوة التي تتضمن القيام بتنفيذ البرنامج الموضوع من خلال " التواصل " الذي يسعى إلى تحقيق الهدف الأساسي من البرنامج المعد سواء لتعريف المجتمع بالمعلومات المطلوبة أو لخلق علاقة إنسانية واجتماعية في البيئة التربوية وتجيب عن سؤال : كيف يمكن أن ننفذ الاتصال بأيسر السبل وأقواها تأثيرا ؟
4 ـ القياس والتقويم : وهنا تسعى الإدارة لمعرفة ما حققه البرنامج وفي هذه الخطوة نجيب على السؤال الأساسي : ماذا حققنا من نتائج ؟
5 ـ التوثيق : حيث سيساعد ذلك في تدعيم بنك المعلومات للرجوع إليها عند الحاجة وهنا نسأل : كيف نوثق هذا النشاط ليسهل الرجوع إليه عند الحاجة ؟
خامسا ـ متطلبات تنفيذ عملية الاتصال :
( دليل عملي لوحدة العلاقات العامة والإعلام التربوي )
أ ـ متطلبات عملية :
ـ وضع خطة قريبة وأخرى بعيدة المدى لتحقيق أهداف العلاقات العامة
ـ تحديد البرنامج ، أو الموضوع المراد التطرق إليه ، وربما كانت مشكلة وتحتاج إلى حل ( وفق جدول زمني بحسب الخطة )
ـ جمع المعلومات والحقائق المتعلقة بالبرنامج ، ومن ذلك : ما ينشر في وسائل الإعلام ، والكتب والدوريات العلمية ، وهنا ينبغي متابعة وسائل الرأي العام بدقة وجمع وتوثيق كل ما يكتب في الشأن التربوي ، سواء كان الطرح إيجابيا أم سلبيا
ـ إشعـار كل العاملين بأنهم معنيون أساسا بالموضوع ، وإشراكهم في أبعاده
ـ الرجوع لبنك المعلومات الذي يساعد في التعريف بهذا الموضوع وفي هذا الشأن من المفترض أن يكون لدى الجهاز قائمة بأسماء وعناوين التربويين والمسئولين والمفكرين من أعلام المنطقة ، الذين يمكن الاستفادة من أطروحاتهم العلمية
ـ التوقيت المناسب للطرح الذي يساعد في اكتمال دائرة الاتصال ، وينجح الجهود ، فقد لا يكون من المناسب أن نتحدث عن استثمار الإجازة الصيفية ، أثناء العام الدراسي ، بينما يجب تجنيد الطاقات لإعداد حملة إعلامية تعريفية بأنشطة الصيف للطلاب وغيرهم مع نهاية العام
ـ محاولة تقدير الاحتياجات ومتطلبات التنفيذ البشرية والاقتصادية ، ويمكن الاستفادة من القطاع الخاص لتمويل الحملة أو المساهمة في تكاليفها
ب ـ متطلبات شخصية :
يجب أن يتصف رجل العلاقات العامة والإعلام التربوي بالذكاء وسرعة البديهة ، وحسن المعاملة ، وحسن المظهر ، وإتقان اللغة ، ودراسة علم النفس ، والقدرة على إعداد الخطابات ، وجمع المعلومات وتصنيفها إلى جانب ذلك لابد من دراسة وسائل الاتصال بالجماهير ، والدعاية ، والتحرير الصحفي ، والفني والإذاعي ، وإنتاج الأفلام ، وإقامة المعارض ، والرحلات ، والاجتماعات والمؤتمرات ، وإجراء البحوث العلمية
كما يتعين على رجل العلاقات العامة أن يكون قادرا على التكيف مع الأحداث وتجددها ، وأن يتصف بالإيثار والثقة ، فعند عقد مؤتمر صحفي عن نشاط الإدارة ، أو تم استدعاء مسئول العلاقات والإعلام ـ بحكم أنه لسان إدارته للمجتمع ـ فلا يجوز أن يتحدث عن نفسه وعن قسمه فقط ؛ لأنه لا يعمل من فراغ بل أنه يعمل من بناء متكامل ، وهنا ينبغي التركيز في الحديث على ما قام به الكيان التربوي والعاملين فيه ، وما سوف يعود بكل ذلك على المجتمع ومصالحه ، ويجب الحديث في هدوء دون توتر
سادسا : دور مشرف جماعة العلاقات العامة بالمدرسة :
في مجال العلاقات الداخلية يقوم المشرف بتقوية شبكة العلاقات الاجتماعية بين المدرسة وأولياء الأمور من خلال مجالس الآباء ، وبين هيئة التدريس والطلاب في إطار جماعات النشاط الاجتماعي : الرحلات ـ الزيارات ـ الخدمة الاجتماعية ـ الجمعية التعاونية ـ النوادي الأدبية والعلمية والاجتماعية ، وفي المجالات الثقافية مثل : تنظيم الندوات واللقاءات العلمية ، وما يمكن أن يساعد في أسلوب الاتصال اليومي لسياسة المنشأة التربوية من خلال أخبارها العامة والنشاطات الطلابية
كمـا يمكن الاستفادة من الصحافة المحلية من خلال جمع أهم الأخبار المحلية ، والوطنية ، وأخبار التربية والتعليم ، والمشاركات البناءة للقراء في مجالات التربية والتعليم ، وجمعها في ملف يومي أو أسبوعي يوزع على مجتمع المؤسسة التربوية سواء كانت إدارة التعليم أم المدرسة
كما يستطيع "مشرف جماعة العلاقات العامة " أن يتعدى محيط المدرسة إلى مجالات أرحب وأوسع ، حيث يعمل على إعداد جدول زيارات ليست طلابية فقط ؛ بل يتعداها إلى زملائه المعلمين والإداريين ، كأن يسعى إلى تنظيم زيارات لنوادي رياضية ، ومكتبات ، ومطاعم ، ومتنزهات عامة ، وزيارات إنسانية لبعض الجهات التي تحتاج الدعم المادي والمعنوي كالمشافي ، ودور العجزة ، ودور الملاحظة الاجتماعية وكل ذلك يأتي في إطار تقوية الروابط بين أعضاء أسرة المدرسة والمجتمع