شجرة الدر مشرف عام
عدد الرسائل : 194 العمر : 39 العمل/الترفيه : طالبة المزاج : هادئة تاريخ التسجيل : 15/01/2009
| موضوع: القضية الصحراوية وأزمة الضمير العربي السبت 13 يونيو 2009 - 12:46 | |
| أكثر من ثلاثة عقود هي عمر النزاع الصحراوي المغربي وتبعاته من احتلال واستيطان ومصادرة للحرية وللآدمية وللوجود.
أكثر من ثلاثة عقود والمغرب يعربد في الصحراء الغربية يمتص ثرواتها ويقتل أبنائها ويستبيح نسائها, يدير ظهره طوال هذه المدة لجميع المواثيق والاتفاقيات الدولية دون ان يستوقفه قلم عربي واحد! فأين المثقف العربي وأين ضميره من هذه القضية؟
إن قضية الصحراء الغربية وما ترتب عنها من نزاع وتوتر شل التنمية في شمال غرب إفريقيا وعطل المسار المغاربي. هي قضية تصفية استعمار في مآلها الأول والأخير, وهي في منتهى البساطة والوضوح رغم محاولات البعض- دولا وأفرادا- في ان يظهرها لنا وللعالم من حولنا كأنها متاهة ديدالوس من التعقيد والتشابك.
ولقد مر وقت طويل على النزاع الصحراوي المغربي أضحت فيه أسبابه وحيثياته غير خافية على احد وصدرت فيه تقارير أممية كثيرة تطالب بمنح الشعب الصحراوي حقه في تقرير مصيره بنفسه بعيدا عن أي ضغط، وحققت فيه أيضا عدالة كفاح الصحراويين انتشارا واسعا وتأييدا كبيرا في أرجاء العالم, بالأخص داخل المجتمع المدني الأوروبي وبمساهمة شخصيات فاعلة في عالم الثقافة والإعلام والسياسة والاقتصاد.
وحدها النخب العربية بقيت على سلبيتها في نظرتها إلى الصراع بل إن منها من أيد صراحة الاحتلال المغربي, ورأى فيه خطوة نحو تجسيد الوحدة العربية وهو رأي العاجز عن بلورة موقف يناقض الموقف الرسمي لبلده, أو الذي يعزل نفسه في برج عاجي يرى الدنيا كما يريد هو لا كما هي عليه.
إن أصل الداء في الجسم العربي وسبب اعتلاله المزمن هو عدم وجود معارضة حقيقية أساسها المثقفون. عملية ذات طابع مؤسساتي تراكم تجاربها وتجارب غيرها. وفي تعالي النخب على وسطها وعدم اقترابها منه من اجل النهوض به وخلق مجتمع مدني حيوي وفعال يكون بوصلة توجه الشارع وقادر على التأثير على القرار الرسمي أو تجاوزه في قضايا أخرى دون ان يحرج النظام إن كانت ثمة ضرورات.
فمن المغرب وهو البلد الذي يحتل الصحراء الغربية بقوة السلاح والخارج على الشرعية وعلى الشريعة، نجد نخبه المثقفة سرعان ما انساقت وراء الشعار البراق والمخادع المتمثل في شعار: "استرجاع الأقاليم الجنوبية وقدسية الوحدة التربية"، وباركت للقصر خطواته دون أن تتوقف عند الوسيلة التي استعملها في تحقيق غايته ولم تتوقف أيضا عند الغاية التي هي احتلال ارض الغير وبقوة السلاح وأمواج البشر المنومين.
فقامات كالجابري والعروي في الفكر أو كبوعبيد في القانون وغيرهم من أهل الأدب والفن والعلم ما كان لها أن تكون أداة في يد الدولة، تجمل بها أفعالها أو تجعلهم أداة إقناع لسواد الناس. هذه النخب لو كانت تحترم نفسها ومقامها ماكان لها أن تبارك احتلال بلدها للصحراء الغربية دون تروي, والزمن الذي مر كان كفيلا بإيضاح الصورة وبالتالي مراجعة الموقف بشجاعة وهو ما لم يحصل مع الأسف، والأسف هنا عليهم وليس لهم.
إن الكتاب المغاربة عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء الغربية يتحولون إلى فصيل تابع لوزارة الداخلية, لا يكتبون ولا ينشرون إلا ما يشرعن الاحتلال او ينمق صورته ويشجع إدارته على المضي قدما في سياستها الإجرامية في التنكيل بالصحراويين وإطالة أمد مأساتهم. وابرز الأمثلة في هذا الجانب الدكتور عبد الرحمن مكاوي والكاتب الصحفي محمد الأشهب وآخرين ليس لهم شهرتهما.
أما في هذا الكم العربي الممتد من الماء إلى الماء –إذا استثنينا الجزائر وبعض أحرار موريتانيا وبضعة أقلام لا تتعدى أصابع اليد الواحدة من المشرق العربي- فقد آلى على نفسه في معظمه الإحجام والتقوقع والتزام الصمت وهو خطأ فادح وعمل مشبوه وخطيئة لا تغتفر ف"الساكت عن الحق شيطان اخرس".
فهيئة بحجم المؤتمر القومي العربي التي تدعي استقلالية القرار وتزعم تبني قضايا الأمة لم تكلف نفسها يوما استجلاء حقيقة الأمر, بإرسال مبعوثيها إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، ومشاهدة حجم الكارثة وعمق المأساة بأم العين، أو إرسال مبعوثيها إلى مدن الصحراء الغربية المحتلة ليروا احتلالا لسانه عربي ودينه الإسلام وأسلوبه الاستيطان وبرنامجه إبادة ممنهجة وتطهير عرقي للصحراويين.
النوع الآخر من المثقفين العرب "ملكي أكثر من الملك"، يسترزق على حساب الدم الصحراوي, كالكاتب اللبناني خير الله خير الله الذي يرى في النفوذ السوري في لبنان احتلالا ولا يرى ذلك في التواجد المغربي في الصحراء الغربية. سوريا التي لم تطالب يوما بلبنان ولم تدخله بحجة استرجاع الوحدة الترابية والمغرب الذي يسرق أرضا وينفي شعبا ويسطو على تاريخه تزويرا وتشويها واختلاقا, سوريا التي بينها وبين لبنان من الروابط والأواصر ما لا يتوافر عشره بين الصحراء الغربية والمغرب, فأي منطق هذا إن لم يكن منطق الدولار. وينتمي إلى نفس الفصيلة أيضا بعض كتاب جريدة الشرق الأوسط وبعض معدي البرامج في قناة "العربية", وكتاب في بعض الصحف القومية المصرية.
هذا هو حال النخب العربية المثقفة في مجملها مع القضية الصحراوية تجاهل بالمطلق أو انحياز للمعتدي بالمطلق, بعض المتجاهلين يظن ظن الإثم بان الاهتمام بها يقلل من التركيز على القضية الفلسطينية ويشتت البال, رغم أن الاحتلال لونه واحد، وطعمه واحد، والألم يسببه المسلم كما يسببه اليهودي.
وعلى ذكر فلسطين فإن معظم مثقفيها، دع ساستها، هم من ألد خصوم القضية الصحراوية وأكثرهم انحيازا للمغرب, على ما للمغرب من علاقات وثيقة بإسرائيل وما له من باع طويل في تشجيع دول عربية على التطبيع معها. وسبب هذا، تماهي رؤية المثقف مع السياسي وتبعية الأول للأخير وهو وضع مقلوب وشاذ.
على المثقف العربي ان يتجاوز خوفه ويتحرر من تبعيته وأن يسيد ضميره ويرفعه فوق سوط الجلاد وهدايا السلطان, وان يتعلم من نظيره الغربي الكثير من المواقف المشرفة، موقف سارتر من عار بلده في الجزائر, موقف تشومسكي من سياسات أمريكا الخارجية , أفلام اوليفر ستون وفضحها لوحشية الاستعمار الأمريكي في الفيتنام والفظائع التي ارتكبها في حق المدنيين والقائمة طويلة والمواقف ناصعة ونبيلة فتعلموا أيها المثقفون العرب وإلا فالقافلة تسير.....!! | |
|