مميزات جمهور وسائل الإعلام
يبدو مما سبق، إذن، أن مفهوم "الجماهير" (Mass) يتضمن العديد من خصائص جمهور(Audience) السينما والإذاعة والمسرح التي تستوعبها المفاهيم التي تناولناها، فهو أوسع من الجماعة والحشد والجمهور العام.
فمصطلح الجماهير، في هذا السياق، عنصر أساسي في الشكل الجماعي لجمهور وسائل الإعلام، حيث أنه يتضمن، في بنيته الظاهرية، العديد من الخصائص التي تميزه عن تلك الأشكال الأخرى، وكان (McQuail, 1984) قد حددها على النحو التالي:
- الحجم الواسعLarge Size، حيث يتخذ شكل "الجماهير" حجما أوسع بكثير من الأشكال الأخرى.
- التشتت Dispersion، إذ يتواجد عناصر الجماهير في أوضاع وأماكن متباعدة، ومع الاستعمال المكثف لتكنولوجيات الاتصال الحديثة، وخاصة الأنترنات، اكتسب الجمهور بعدا كونيا(Global) جعله غير محدد في المكان، وأضفى عليه صفة التواجد الكلي في كل مكان في نفس الزمن (Ubiquitous)، كما سيأتي شرحه بالتفصيل.
- عدم التجانسHeterogeneity، فأفراد الجمهور غير متجانسين، الأمر الذي يجعلهم متمايزين في احتياجاتهم وإدراكهم ومصالحهم واهتماماتهم، وبالتالي في سلوكهم الاتصالي، كما سنرى لاحقا عند دراسة الخصائص الديموغرافية والسوسيولوجية.
- عدم التعارف أو المجهولية Anonymity، فعناصره غير معروفين بذواتهم ومجهولون لدى بعضهم البعض، من جهة، ولدى القائم بالاتصال من جهة أخرى.
- غياب التنظيم الاجتماعيLack of Social Organization، حيث أن تباعد عناصره وعدم معرفة بعضهم البعض يفقدهم القدرة على التوحد والتضامن أو الدخول في تنظيمات اجتماعية بصفتهم كأفراد الجمهور.
- وجود اجتماعي غير مستقر في الزمن والمكان Unstable Social Existence عكس ما يرغب فيها أصحاب المؤسسات الإعلامية الذين يريدون جذب الاهتمام لأهمية الوسيلة الإعلامية التي تتوقف على حجم جمهورها،حيث يعتبر مؤشرا على قيمة الفضاءات الإشهارية في الوسائل الإعلامية.
إن مصطلح الجماهير، إذن، هو أقرب الأشكال الجماعية إلى جمهور وسائل الإعلام الذي بدأ يبتعد أكثر فأكثر عن الثقافة اللاعقلانية ويقترب أكثر فأكثر من مفهوم "الجمهور العام"، كخطاب عقلاني، بسبب انتشار التعليم وتعميمه على الناس أجمعين وكذلك الانتشار المتنامي لوسائل الإعلام المتخصصة التي أصبحت أيضا تشتت الجمهور من حيث تفضيل الوسائل التي تستجيب مضامينها أكثر لاهتمامات وانشغالات فئات تزداد صغرا بقدر زيادة التخصص في مضامين وسائل الإعلام، الأمر الذي يملي ضرورة تغيير إستراتيجية أبحاث من التحليل الكلي إلى التحليل الجزئي لهذه الظاهرة.
ومن هنا يبدو واضحا أن فكرة الجمهور تتوسع باستمرار وتزداد تعقيدا بتعقُدّ الحياة الاجتماعية المعاصرة وتعاظم مكانة ودور وسائل الإعلام في المجتمعات الحديثة. وتزداد ظاهرة الجمهور تعقيدا مع الاستعمال الواسع لمبتكرات تكنولوجيات الاتصال الحديثة، حيث أن وسائل الإعلام "التقليدية" تتداخل في وسيلة واحدة، هي الشبكة الدولية، الأنترنات التي تتجاوز الحدود الزمنية والمكانية، إذ أدخل الاستخدام المتنامي لهذه الوسيلة تغييرات جذرية وعميقة على كل المفاهيم والمعايير السائدة في الأدبيات المتعلقة بجمهور وسائل الإعلام التقليدية//